كتبت بيسان كساب أن صندوق النقد الدولي أعلن، في بيان صدر الثلاثاء، اجتياز مصر المراجعتين الخامسة والسادسة ضمن برنامج القرض الممتد بقيمة ثمانية مليارات دولار، في خطوة تفتح الطريق أمام صرف شريحة مالية جديدة، في وقت تواجه فيه البلاد ضغوطًا اقتصادية متراكمة تتجلى في ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية واتساع فجوة التمويل الخارجي.
وأوضح موقع مدى مصر أن اجتياز المراجعتين جاء بعد تعثر المراجعة الخامسة لعدة أشهر، على خلفية تصريحات سابقة للمتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك شددت فيها على ضرورة تقليص دور الدولة في الاقتصاد وتسريع برنامج بيع الأصول، وهي مطالب اصطدمت بواقع اقتصادي هش يعتمد بدرجة كبيرة على تدخل الدولة والتمويل الخارجي لتفادي أزمات سيولة متكررة.
مراجعتان مدمجتان واقتصاد مأزوم
وجاءت تصريحات كوزاك في يوليو الماضي قبل المراجعة الرابعة بأسابيع، حيث انتقد الصندوق آنذاك بطء انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي، بما في ذلك الكيانات المرتبطة بالمؤسسة العسكرية، في سياق يعكس صعوبة تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة داخل اقتصاد يعاني من اختلالات مزمنة. ودفع هذا البطء، بحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى مدى مصر، إلى تأجيل المراجعة الخامسة ودمجها لاحقًا مع المراجعة السادسة، في محاولة لكسب الوقت وتخفيف الضغوط التمويلية.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المنتهية ولايته، فخري الفقي، إن دمج المراجعتين جاء بناءً على طلب الحكومة، التي سعت إلى إبرام صفقات توفر تدفقات دولارية وتوسّع هامش حركة القطاع الخاص، في ظل حاجة ملحّة للعملة الأجنبية لتغطية التزامات خارجية متزايدة.
وعكست تعليقات الصندوق في المراجعتين الأخيرتين لهجة أقل حدّة مقارنة بالمراحل السابقة، إذ دعا إلى تسريع «الإصلاحات التي تتيح للقطاع الخاص المساحة والفرصة للنمو»، مع التشديد على تقليص دور الدولة في الاقتصاد وتحقيق «تقدم ملموس إضافي» في برنامج التخارج من الأصول، وتسوية ساحة المنافسة، وتجنّب إنشاء أو توسيع الكيانات الاقتصادية الحكومية.
تمويل جديد ومؤشرات كلية لا تطمئن الشارع
ويمهّد اجتياز المراجعتين لصرف نحو 2.6 مليار دولار، تضاف إلى 3.2 مليارات دولار حصلت عليها مصر منذ الاتفاق على البرنامج في 2022، بينما يبقى قرابة 2.2 مليار دولار ضمن برنامج «التسهيل الممدد» البالغ إجماليه ثمانية مليارات دولار، والمقرر أن ينتهي في خريف 2026، في وقت لا تزال فيه البلاد بحاجة إلى مصادر تمويل إضافية لسد فجوة ميزان المدفوعات.
وأشار البيان كذلك إلى اجتياز مصر أول مراجعة ضمن برنامج «المرونة والاستدامة» بقيمة 1.3 مليار دولار، المخصص لدعم الدول في مواجهة تحديات المناخ والأوبئة، وهو تمويل يظل محدود الأثر مقارنة بحجم الضغوط الاقتصادية اليومية التي تواجهها الأسر.
أموال ساخنة وانضباط مالي بثمن اجتماعي
وأضاف الصندوق أن الأوضاع المالية الخارجية شهدت تحسنًا خلال 2025، مع ارتفاع استثمارات غير المقيمين في أدوات الدين المحلية إلى نحو 30 مليار دولار، وبلوغ الاحتياطي من النقد الأجنبي 56.9 مليار دولار، وهو تحسن يعتمد بدرجة كبيرة على تدفقات قصيرة الأجل تثير مخاوف بشأن استدامته.
وعزا الصندوق تباطؤ التضخم إلى السياسة النقدية «المشددة بشكل مناسب» التي ينتهجها البنك المركزي، إلى جانب اتباع نهج «حذر وتدريجي» في التيسير النقدي، فيما أشار إلى أن «الانضباط المالي» دعم الأداء القوي للإيرادات الضريبية، مع التأكيد على ضرورة مواصلة خفض الدين العام، في ظل ارتفاع أعباء خدمته.
وخلال زيارة بعثة الصندوق إلى القاهرة في وقت سابق من الشهر، طرحت المباحثات اعتماد الدولة المتزايد على الاقتراض قصير الأجل أو ما يُعرف بالأموال الساخنة لتوفير سيولة الحساب الجاري، بعدما سجلت هذه التدفقات مستويات قياسية في 2024، مستفيدة من تقديم أدوات الدين الحكومية عوائد حقيقية مرتفعة عالميًا، رغم ما يحمله ذلك من مخاطر تقلبات مفاجئة.
وأكد الصندوق التزام الحكومة بتحقيق فائض أولي قدره 4.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية الحالية، و5 في المئة في السنة التالية، مع توقع موافقة مجلس الوزراء على حزمة إصلاحات ضريبية «داعمة للنمو» في يناير 2026، في وقت تتزايد فيه المخاوف من انعكاس أي إجراءات مالية جديدة على الأعباء المعيشية.
وأشاد البيان بخطوات تسهيل التجارة وتبسيط الإجراءات الضريبية، التي لاقت ترحيبًا من القطاع الخاص، بينما حذّرت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار، من استمرار الشركة المصرية العامة للبترول كمصدر تهديد مالي، رغم تحسن أدائها بعد رفع أسعار الوقود في أكتوبر.
وعلى صعيد الحماية الاجتماعية، جدّدت الحكومة التزامها بزيادة مخصصات برنامجي «تكافل وكرامة» وتنمية رأس المال البشري، فيما أوصى الصندوق بمزيد من التوسع في هذه المخصصات، في ظل أوضاع اقتصادية تجعل من الإنفاق الاجتماعي عنصرًا حاسمًا لتخفيف آثار الأزمة على الفئات الأكثر هشاشة، واختتم الصندوق بيانه بالإشارة إلى تنفيذ مصر إجراءين رئيسيين ضمن برنامج المرونة والاستدامة، في مسار إصلاحي لا يزال يصطدم بواقع اقتصادي ضاغط.
https://www.madamasr.com/en/2025/12/23/news/u/egypt-passes-5th-6th-imf-loan-reviews-with-fund-easing-tone-of-govt-criticism/#:~:text=Egypt%20began%20negotiating%20with%20the,billion%20and%20approving%20four%20reviews.

